ملخص درس أزمة العالم الرأسمالي سنة 1929
مقدمةشهدت فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى تغيرات اقتصادية واجتماعية كبيرة في العالم، خاصة في الدول الرأسمالية. ومع ذلك، كانت هذه الفترة أيضًا مليئة بالتحديات التي أدت إلى ظهور "أزمة العالم الرأسمالي الكبرى سنة 1929". هذه الأزمة الاقتصادية العميقة انطلقت من الولايات المتحدة الأمريكية، مركز الاقتصاد الرأسمالي العالمي، وانتشرت بسرعة لتؤثر على باقي دول العالم. في هذا المقال، سنتناول ملخص درس أزمة العالم الرأسمالي سنة 1929 بشكل شامل، مع التركيز على أسبابها، مظاهرها، انتشارها عالميًا، والتدابير التي تم اتخاذها لتجاوزها.
ملخص درس أزمة العالم الرأسمالي سنة 1929
أولاً: أسباب أزمة العالم الرأسمالي سنة 19291. فائض الإنتاج: بعد الحرب العالمية الأولى، ارتفع الطلب الأوروبي على المنتجات الأمريكية، مما دفع الشركات الأمريكية إلى زيادة الإنتاج. لكن مع تعافي أوروبا اقتصاديًا، تراجعت طلباتها على السلع الأمريكية، مما أدى إلى فائض كبير في الإنتاج.
2. المضاربة في البورصة: أصبحت البنوك تمنح قروضًا استهلاكية واستثمارية بفوائد ضعيفة، مما شجع الأفراد على شراء الأسهم بهدف المضاربة. ومع انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، تراجعت أرباح الشركات، مما أدى إلى انهيار قيمة الأسهم يوم الخميس الأسود (24 أكتوبر 1929) في بورصة وول ستريت.3. ضعف النظام المصرفي: كان النظام المصرفي الأمريكي هشًا وغير مستقر بسبب القروض غير المؤمنة، مما جعل البنوك عرضة للإفلاس عند أول أزمة.
ثانيًا: مظاهر الأزمة الاقتصادية والاجتماعية
ظهرت تداعيات الأزمة بشكل واضح في المجالات الاقتصادية والاجتماعية:
1. المظاهر الاقتصادية:- ارتفاع عدد البنوك المفلسة من 642 بنكًا عام 1929 إلى 2300 بنك عام 1931.
- توقف القروض وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.
- إفلاس آلاف الشركات الصناعية والتجارية، حيث بلغ عدد المقاولات المفلسة 31,822 مقاولة عام 1932.
- تراجع الإنتاج وأسعار المواد الأساسية.
2. المظاهر الاجتماعية:
- ارتفاع نسبة البطالة لتصل إلى 25% في الولايات المتحدة عام 1932.
- انخفاض أجور العمال وفقدان العديد منهم لوظائفهم.
لم تقتصر الأزمة على الولايات المتحدة فقط، بل انتشرت لتؤثر على باقي دول العالم الرأسمالي، خاصة أوروبا، وذلك بسبب عدة عوامل:
1. سحب رؤوس الأموال: قامت الولايات المتحدة بسحب رؤوس الأموال المستثمرة في أوروبا واسترداد القروض الممنوحة لها.2. انخفاض المساعدات: توقفت الولايات المتحدة عن تقديم المساعدات المالية لأوروبا.
3. السياسة الحمائية: نهجت الدول سياسات حمائية لحماية صناعاتها المحلية، مما أدى إلى تدهور التجارة الدولية.
4. تأثير على المستعمرات: انخفضت أسعار الموارد الأولية والفلاحية في المستعمرات نتيجة تكثيف استغلالها من قبل الدول المستعمِرة.
رابعًا: التدابير المتخذة لتجاوز الأزمة
وضع الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت خطة إصلاحية شاملة تُعرف بـ"خطة النيوديل" أو "الخطة الجديدة"، والتي اعتمدت على تدخل الدولة لتوجيه الاقتصاد. تضمنت الخطة مرحلتين رئيسيتين:
1. المرحلة الأولى (1933-1934):- قانون الإنقاذ البنكي: إغلاق البنوك مؤقتًا وحظر تصدير الأموال والذهب، بالإضافة إلى تخفيض قيمة الدولار.
- قانون التوازن الفلاحي: تقليص المساحة المزروعة لرفع الأسعار.
- قانون إصلاح الصناعة الوطنية: تحديد الإنتاج والأسعار.
- إنشاء إدارة الشغل المدني: تنفيذ مشاريع كبرى لتشغيل اليد العاملة.
- منح تعويضات للعاطلين عن العمل.
- إنشاء نظام التأمين على الشيخوخة.
- فرض ضرائب على الدخل المرتفع.
حققت خطة النيوديل نتائج إيجابية، منها:
- ارتفاع أسعار المنتجات الاقتصادية.
- انتعاش التجارة الدولية بفضل زيادة الصادرات والواردات.
- تراجع نسبة البطالة بشكل ملحوظ.
يمثل درس أزمة العالم الرأسمالي سنة 1929 درسًا مهمًا في التاريخ الاقتصادي الحديث. هذه الأزمة لم تكن مجرد حدث اقتصادي، بل كانت لها آثار اجتماعية وسياسية عميقة ساهمت في تغيير وجه العالم. لقد أظهرت أهمية دور الدولة في توجيه الاقتصاد وحمايته من الانهيارات المستقبلية. كما أن هذه الأزمة كانت أحد الأسباب التي أدت إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية، مما يبرز أهمية الاستقرار الاقتصادي في تحقيق السلام العالمي.
ملخص درس أزمة العالم الرأسمالي سنة 1929 يؤكد أن الأزمات الاقتصادية ليست مجرد مشكلات محلية، بل يمكن أن تتحول إلى كوارث عالمية إذا لم يتم التعامل معها بحكمة وإدارة فعّالة.إقرآ المزيد: